الأربعاء، 22 ديسمبر 2010

نصوص وأسئلة


نصوص وأسئلة
****
هل تتحقق الإنية بمعزل عن الغيرية؟
*****
    أود أن أؤكد مرة أخرى فيما يتعلق بأوهام المناطقة، ودون أن يفل شيء من عزيمتي، أمرا بسيطا لا تسلم به تلك العقول الواهمة إلا على مضض، وهو أن فكرة ما لا تخامرني إلا متى أرادت هي ذلك لا إذا كنت أنا الذي أريد ذلك. حتى ليغدو من باب تزييف الأمور أن ندعي أن الفاعل ”أنا” مشروط بالحال ”أفكر”. فثمة شيء يفكر، لكن الاعتقاد بان هذا الشيء هو ذاك  الأنا القديم الشهير ليس إلا افتراضا محضا، وقد يكون إثباتا، غير انه بالتأكيد ليس ” يقينا مباشرا”. والحق انه من المبالغة القول ” إن شيئا ما يفكر”، إذ يصل بنا ذلك إلى تأويل ظاهرة ما بدل الحديث عن الظاهرة ذاتها. وينجر عن ذلك، على عادة النحاة، القول: ” إن التفكير  نشاط يستوجب فاعلا، إذن ....”. فالمذهب الذري القديم كان يسلك المسلك نفسه تقريبا، فيربط     إلى القوة التي تفعل، تلك القطعة من المادة – ألا وهي الذرة – التي تكمن فيها القوة ومنها تنطلق. أما ذوو العقول الأكثر صرامة فقد انتهى بهم الأمر إلى تخطي تلك الصعوبة دون  حاجة إلى تلك ” الحتامة الأرضية”، ولعله يأتي اليوم الذي يألف فيه الناس، حتى المناطقة منهم، الاستغناء استغناء تاما عن هذا ” الشيء الطفيف” [ الذي آل إليه آخر الأمر هذا الأنا المبجل].
                                             نيتشه
                                    ما وراء الخير والشر”
****
هل تتحقق الانية خارج التاريخ؟
*****
هل يمكن القول إن الإنسان مدين للآخر بإنسانيته؟
*****
إما أنا أو الآخر، علينا أن نختار بينهما، هكذا قيل. غير أننا نختار الواحد ضد الآخر، ونؤكد حينئذ النزاع. فيحولني الآخر إلى موضوع ثم ينفيني، وأنا بدوري أحول الآخر إلى موضوع ثم انفيه، هكذا قيل. لكن نظرة الآخر لا تحولني في حقيقة الأمر إلى موضوع، كما أن نظرتي لا تحول الآخر إلى موضوع إلا إذا انسحب كل منا داخل طبيعته المفكرة وأضحى كل منا نظرة لا إنسانية بالنسبة إلى الآخر، إلا إذا أحس كل منا بأفعاله، لا من حيث أن الآخر يستعيدها ويفهمها، بل من حيث هو يلاحظها كما لو كانت أفعال حشرةهذا ما يحصل مثلا عندما يسلط علي نظر شخص مجهول.
غير أن الإحساس بوطأة موضعة كل واحد منا بفعل نظرة الآخر، هذا الإحساس لا يصبح ممكنا في           هذه الحالة إلا لأنه يحل بدل تواصل ممكن. إن نظرة كلب إلي لا تحرجني البتة. فرفض التواصل هو كذلك  ضرب من التواصل. إن الحرية التي تتخذ الأشكال، والطبيعة المفكرة، وهوية الشخص التي لا يشاركه فيها  احد، والوجود الذي لا قيمة له ولا معنى، كل هذا يرسم لدي ولدى الآخر حدود كل تعاطف، ويعلق التواصل  فعلا، ولكن لا يقضي عليه. 
                   فان كان الأمر يتعلق بشخص مجهول لم ينطق بعد تجاهي بكلمة واحدة، يبقى بوسعي الاعتقاد انه يعيش في عالم مغاير لعالمي، عالم لا تستحق فيه أفعالي ومشاعري أي مكان. لكن يكفي أن ينطق بكلمة اوان تصدر عنه حركة تنم عن نفاذ صبره حتى يكف عن الاستعلاء علي. ذلك إذن هو صوته، وتلك هي  أفكاره. ذلك هو إذن المجال الذي كنت اعتقد أني لا أطاله. إن أي كـــائن [ أنساني] لا يستعلي على الكائنات [ الإنسانية ] الأخرى بشكل نهائي إلا متى ظل عاطلا وجاثما على اختلافه الطبيعي.
موريس مرلوبونتي: ظاهـــراتية الإدراك
          *هكذا قيل: إشارة إلى ما جاء في بعض كتابات ج. ب. سارتر.  
*****
أية صورة للإنسان يكرسها عصر الصورة؟
*****
قيل: « لا تقتصر مسؤولية العالم على إنشاء النظريات العلمية، بل عليه التفكير في تبعاتها». ما رأيك؟            
*****
   هل بإمكان العولمة أن تضطلع بمطلب الكوني اليوم؟
*****
إن واقع العلم واقع مفسر، مفسر بصفة جزئية أو مؤقتة، ولكنه مفسر بالضرورة. و الحال هذه، تكمن المفارقة في كون تلك الرسوم المنجزة أو نماذج الواقع المجردة أقيمت بفضل انحراف للفكر حصل عن طريق ما نسميه الافتراضيات. فالظواهر الملاحظة الآن ليست وحدها التي يتعين تمثيلها في النمــــــــوذج كما لو كان الأمر يحدث في مرآة. يقحم التمثل و التفسير العلمي، إلى جانب صورة الوقائع المتحققة راهنا، وقائع افتراضية يمكن أن تتحقق كما يمكن أن لا تتحقق. يكمن دورها في إتمام رسم الظواهر عبر الإبانة عن كل التجريدات و التي توجد من بينها صورة الظواهر التي تمت ملاحظتها فعليا. هكذا يكون واقع العلم مكونا من عوالم محكمة الارتباط لوقائع افتراضية، مع القواعد التي تسمح بتحديد صورة الوقائع الراهنة، تحديدا لا يخلو من الدقة و اليقين، تقريبا. هكذا، قد يصح القول إن ما لم يوجد يفسر ما يوجد.
ج. ق. غرانجي «الاحتمالي و الممكن و العرضي»
*****
قيل:« يكفي أن نقصي الآخر لنحافظ على هويتنا» ما رأيك؟
*****
هل أن الحاجة إلى المقدس هي حاجة إلى التواصل؟
*****
ثمة مفارقة لا فكاك منها: فمن ناحية ينبغي على كل شخصية ثقافية أن تنغرس في ماضيها و أن تستنهض روحا وطنية تجعلها قادرة على الاضطلاع باستحقاقاتها الروحية و الثقافية في وجه الثقافة الغازية، ومن ناحية ثانية نجد أن الالتحاق بالحضارة الحديثة يتطلب الانخراط في عقلانية العلم و التقنية و السياسة، وهو ما يفرض في اغلب الأحيان التخلي نهائيا و بكل بساطة عن الموروث الثقافي. ما من ثقافة يمكنها أن تتحمل صدمة الحضارة العالمية و تستوعبها، فهذا أمر لا ريب فيه. و تجد المفارقة هنا تعبيرها في ما يلي: كيف نتوفق إلى سبيل الحداثة دون القطع مع أصولنا؟ كيف نوقظ ثقافة قديمة نائمة و نتطلع إلى الحضارة الكونية في آن؟
(...) ليس سهلا أن نتحصن بهويتنا و ننظر بعين التسامح إلى الحضارات الأخرى. وحين ننساق وراء الغريب الثقافي – سواء عبر نوع من الحياد العلمي أو من خلال الفضول و الحماسة إزاء الحضارات الغابرة، سواء عبر الحنين إلى ماض سحيق أو من خلال أحلام البراءة و الفتوة- نجد أن اكتشاف التعدد الثقافي لا يكون قط تمرينا مسالما (...) فمنذ اللحظة التي نكتشف فيها وجود ثقافات عدة بدل ثقافة واحدة، أي منذ اللحظة التي نعترف فيها بأفول ضرب من الاحتكار الثقافي – وهميا كان أو حقيقيا – نجد أن اكتشافنا هذا يهددنا بالانهيار. ويتملكنا الشعور فجأة بأنه لا يوجد سوى آخرون، بل إننا نحن أنفسنا نتحول إلى آخر من بين آخرين.
بول ريكور «التاريخ و الحقيقة» ص ص 293/294
*****
حسب الطبيعة , أبشع شيء فعلا هو دائما الأكثر إيذاء , أي هو تحمل الظلم . أما حسب القانون الوضعي فأبشع شيء هو ارتكاب الظلم .
الحق أن تحمل الظلم تصرف لا يليق بإنسان , بل بعبد يفضل الموت على الحياة و غير قادر على الدفاع عن نفسه ولا عمن يحب . أما القانون فمناقض للطبيعة . انه من صنع الضعفاء والجمهور , صنعوه وفق مصلحتهم الخاصة فحددوا ما يستحق الثناء وما يستحق الذم , زاعمين أن كل تفوق قبيح وظالم و أن إرادة السمو على الآخرين ظلم حقيقي , سعيا منهم إلى ترهيب الأقوياء ومنعهم من تحقيق الغلبة عليهم . [...]
تلك هي الغاية التي يرمي إليها القانون من إعلانه أن كل  محاولة لتجاوز المستوى العام هي محاولة ظالمة وقبيحة تسمى ظلما .
إلا أن الطبيعة ذاتها – في رأيي – تثبت لنا أن العدالة الحقيقية تكون في لزوم غلبة الرفيع على الوضيع , القادر على العاجز . كما تدلنا في كل مكان , لدى الحيوانات والإنسان , في المدن والعائلات , على أن الأمور تجري هكذا فعلا و أن العلامة المميزة للعدل هي سيطرة القوي على الضعيف وتقبل تفوقه [...]. وحق زوس إن كل الطغاة لم يفوزوا بالنصر إلا لأنهم تصرفوا حسب قانون الطبيعة , لا حسب القانون الذي نضعه نحن والذي نربي عليه أفضل أطفالنا وأشدهم باسا , أولئك الأشبه بالأشبال . فنروضهم قهرا ونحشو أدمغتهم بشعوذات و خزعبلات من قبيل " كونوا قنوعين ولا تسعوا إلى التفوق على الآخرين ".
إلا فليطلع علينا رجل موهوب يهز كل هذه الأغلال ويكسرها ويطرحها بعيدا , وأنا على يقين من انه سيتمرد وسينتصب أمامنا سيدا فيدوس نصوصنا المقدسة وشعوذتنا وقوانيننا هذه المناقضة للطبيعة .
أفلاطون " الغورجياس"
*****
  نشهد منذ بداية العصر الحديث تطوّرا لا مثيل له من قبل في المعارف التي تكوّن العلم و التي تتبنّى علنا صفة العلم. و نقصد بالعلم هنا معرفة تكون صارمة و موضوعيّة و غير قابلة للشكّ وصادقة. وتتميّز هذه المعرفة العلميّة عن كل الأشكال التقريبّية, بل المشكوك فيها من المعرفة والمعتقدات والخرافات التي سبقتها, بقوّة بداهاتها و براهينها و حججها و بالنّتائج المذهلة التي توصلت إليها, و هي نتائج قلبت وجه الأرض رأسا على عقب. و لكن من المؤسف أنّ هذا الانقلاب قد شمل الإنسان ذاته فإذا كانت المعرفة, التي هي فهم متزايد للكون, مكسبا لاشك فيه, فلماذا اقترنت هذه المعرفة بانهيار كل القيم الأخرى, و هو انهيار خطر لدرجة انّه يهدّد وجودنا نفسه. ففي حين أنّ كل منتجات حضارات الماضي كانت مقترنة صعودا و نزولا و كأنّها على توافق تام, شبيهة في ذلك بتعاقب الموج, ها نحن نشاهد قبالتنا ما لا احد شاهده من قبل  الانفجار العلمي و قد اقترن بإفلاس الإنسان  هذه الوحشيّة الجديدة, وهي وحشيّة قد لا نتمكّن هذه المرّة من تخطّيها.
                                                         ميشال هنري   " الوحشيّة "
*****
    “إننا نتحرر من عنف المقدس حينما نقدره رمزا لا وثنا”. هل يستوفي هذا الإقرار حقيقة المقدس؟            
******
   هل أن قدرنا أن نعيش تحت سلطان الأنظمة الرمزية؟
******
كيف يكون التقاء ثقافات متنوعة أمرا ممكنا، بمعنى التقاء لا يكون قاتلا للجميع؟ وبالفعل قد يستنتج من التأملات السابقة أن الثقافات غير قادرة على التواصل فيما بينها. ومع ذلك، فان غرابة الإنسان عن الإنسان ليست أبدا غرابة مطلقة. يقينا الإنسان غريب عن الإنسان ولكنه أيضا شبيهه على الدوام. فعندما نحل ببلد غريب عنا تماما كما حدث لي منذ سنوات في الصين، فإننا رغم إحساسنا بأقصى درجات الغربة نشعر بأننا لم نخرج البتة عن دائرة النوع البشري. إلا أن هذا الشعور يبقى شعورا أعمى يجب الارتقاء به إلى مستوى الرهان والإثبات الإرادي لوحدة هوية الإنسان. انه ذلك الرهان المعقول الذي أنجزه قديما عالم الآثار «شامبوليون» عند اكتشافه علامات مبهمة واقر مبدئيا انه إذا كانت تلك العلامات من فعل الإنسان، فانه يمكن بل ينبغي أن تترجم. صحيح أن الترجمة لا تفصح عن كل شيء، ولكنها تفصح دائما عن شيء ما (...) فالاعتقاد بان الترجمة ممكنة إلى حد ما، هو إقرار بان الغريب هو إنسان، بل هو باختصار الاعتقاد في إمكانية التواصل. وما قلناه عن اللغة وعلى العلامات يصدق أيضا على القيم والصور الأساسية وعلى الرموز التي تكون الإرث الثقافي لشعب ما. نعم، اعتقد انه بالإمكان فهم الاخر المغاير لي من خلال التعاطف والتخيل تماما كما افهم شخصية رواية أو مسرحية أو صديقا حقيقيا رغم كونه مختلفا عني. بل أكثر من ذلك يمكنني أن افهم دون تكرار، وأتمثل نفسي دون أن أحياها من جديد، وأن أكون آخر في الوقت نفسه الذي أكون فيه أنا ذاتي. أن أكون إنسانا، هو أن أكون قادرا على البقاء أنا نفسي. فان أكون إنسانا، هو أن أكون قادرا على الانتقال إلى مركز منظور آخر.
وعندئذ، تطرح مسالة الثقة: فما الذي يحدث لقيمي عندما افهم قيم الشعوب الأخرى؟ إن الفهم مغامرة مخيفة حيث تتعرض كل الموروثات الثقافية لخطر السقوط في تلفيقية غائمة. ومع ذلك يبدو لي أننا نجد فيما قلناه آنفا عناصر إجابة هشة ومؤقتة: إن الثقافة الحية الوفية لأصولها والتي تكون في نفس الوقت في حالة إبداع على صعيد الفن و الأدب والفلسفة والعطاء الروحي هي وحدها القادرة على تحمل ملاقاة الثقافات الأخرى، هي وحدها القادرة لا على الملاقاة فحسب بل على إضفاء معنى لهذه الملاقاة. وعندما يكون الالتقاء مواجهة بين اندفاعات خلاقة، يكون الالتقاء عينه خلاقا (...)
بول ريكور «التاريخ و الحقيقة»
*****
ما الذي يحرّّك العلوم  إرادة السّيطرة أم هاجس الحقيقة ؟
*****
      يتولد التفكير عن الأفكار إذ نقارن بينها. فليس بوسع من لا يرى غير شيء واحد أن يقارن.[...] تحملنا رؤية ما هو غريب عنا على أن نتلفت إلى فحص ما هو قريب منا. فلتطبقوا هذه الأفكار على الناس الأولين، سترون إذاك علة همجيتهم. فلأنهم لم يروا أبدا غير ما كان محيطا بهم، فقد جهلوا حتى إياه، بل لم يعرفوا بعضهم بعضا. لقد كان في أذهانهم صورة عن الأب أو عن الابن أو الأخ، أما عن الإنسان فلا. وكانت أكواخهم تؤوي كل نظرائهم. وفي حسابهم أن الغريب و الدابة و الغول هي كلها سواء، و ما كان الكون بأسره عندهم شيئا غير ما كانوا وما كانت عائلاتهم.
      ومن هنا يأتي ما نراه من التناقضات الواضحة بين هؤلاء الأمم: كل تلك الفطرة مع كل تلك الوحشية، كل تلك الشراسة في العادات مع كل تلك الرقة في القلوب، كل ذلك الحب لعائلاتهم مع كل ذلك البغض لنوعهم. لقد ازدادت مشاعرهم قوة باستقرارها في أقربائهم: إذ كان كل ما يعرفونه عزيزا عليهم. ولما كانوا أعداء لبقية العالم الذي لم يكونوا يرونه، و الذي كانوا يجهلونه، فإنهم لم يكرهون إلا ما لم يكن بوسعهم معرفته.
جون جاك روسو
محاولة في أصل اللغات ص ص 55.
*****
هل في الانبهار بثقافة الآخر علامة اغتراب أم علامة تواصل؟
******

"يكفي الاعتقاد بان ما نقوم به أخلاقي لتبرير كل أفعالنا". ما رأيك ؟.
****
هل يمكن الإقرار بان قوة الدولة هي التي تصنع حرية المواطنين ؟
****
إن الدولة آلة لصيانة سيادة طبقة على أخرى . فعندما كان المجتمع خاليا من الطبقات , عندما كان الناس قبل عهد العبودية في ظروف بدائية حين كانت تسود مساواة اكبر و حين كانت إنتاجية العمل ما تزال منخفضة جدا . عندما كان الإنسان البدائي لا يحصل على ما هو ضروري لمعيشته البدائية الخشنة إلا بصعوبة , عندئذ لم يبرز و لم يكن بالإمكان أن يبرز فريق خاص من الناس يفرزون خصيصا للحكم ويسيطرون على بقية المجتمع . عندما ظهر الشكل الأول من أشكال انقسام المجتمع إلى طبقات , عندما ظهرت العبودية , عندما أصبح بإمكان طبقة معينة من الناس تمركزوا على العمل الزراعي باخشن أشكاله أن ينتجوا شيئا من فائض لم يكن ضروريا بإطلاق الإبقاء على شعلة الحياة في العبد , و كان يقع في يد مالك العبيد , و عندما توطد بهذا الشكل وجود طبقة ملاك العبيد , و لكي يتوطد , كان لا بد من ظهور الدولة .
نحن ننبذ المقولة القديمة القائلة إن الدولة هي المساواة العامة , فما ذلك غير خداع : فالمساواة تستحيل ما بقي الاستغلال . إذ لا يمكن لمالك الأرض أن يكون مساويا للعامل , و لا الجائع للشبعان . إن البروليتاريا ترمي تلك الآلة التي تحمل اسم الدولة و التي يقف الناس حيالها باحترام مشوب بالخشوع و يصدقون بشأنها الأساطير القديمة القائلة أنها سلطة الشعب كله . و تعلن البروليتاريا : إن ذلك كذب بورجوازي (...)
و عندما تنعدم في الدنيا إمكانية الاستغلال , و ينعدم ملاك الأراضي و المصانع و يزول هذا الوضع الذي يصاب فيه البعض بالتخمة و يجوع آخرون , عندما تزول إمكانيات ذلك , عندئذ فقط نترك هذه الآلة للتحطيم . عندئذ تزول الدولة و يزول الاستغلال .
                                                           من محاضرة ألقاها "لينين" بجامعة سفيردلوف.
*****
يمكننا أن نصحح التعريف الكلاسيكي للإنسان و نوسعه. فرغم الاعتراضات التي وجهتها له النزعات اللاعقلانية المعاصرة، فان تعريف الإنسان باعتباره حيوانا عاقلا لم يفقد قوته. فالعقلانية تمثل السمة المميزة لكل نشاط إنساني... لقد أقيم في الغالب تماثل بين اللغة والعقل، أو منبع العقل ذاته، لكن من الواضح أن هذا التعريف للإنسان لا يغطي الحقل العلمي بأكمله. فهو يمثل جزء من كل. فإلى جانب اللغة المفهومية ثمة اللغة الانفعالية، و إلى جانب اللغة المنطقية والعلمية توجد لغة المخيلة الشعرية، فاللغة في الأصل لا تعبر عن الخواطر و الأفكار بقدر ما تعبر عن المشاعر و الانفعالات. ليس العقل المفهوم المناسب الذي يمكننا من فهم أشكال ثقافة الإنسان في ثرائها وتنوعها بل إن كل هذه المظاهر هي أشكال رمزية. وهكذا فبدلا من تعريف الإنسان بأنه حيوان عاقل، يجب تعريفه بأنه حيوان رامز وهكذا يتسنى لنا تعيين خاصيته المميزة وفهم السبيل الجديد الذي انفتح أمامه وهو سبيل الحضارة.
كاسيرر« محاولة في الإنسان » ص 44-45
*****
ما مدى مشروعية القول بوجود إنسان متوحش؟
*****
« الصورة اصدق من الكلمات » ما رأيك؟
****
لكي يكون الولاء لا المحاباة جديرا بالتقدير ولكي لا يكون نفوذ السلطان عرضة لأي إضعاف، ولكي لا يقدم أي تنازل لدعاة الفتن، وجب أن تتاح للناس حرية الرأي و أن يتم حكمهم على نحو يعيشون فيه في وئام رغم مجاهرتهم بآراء مختلفة و متعارضة. و لا يمكننا أن نشك في أن هذه الطريقة في الحكم هي الأفضل لأنها الأكثر تلاؤما مع الطبيعة البشرية. وقد بينا انه في دولة ديمقراطية [ و هي الأقرب إلى حالة الطبيعة ] يتفق الجميع على العمل وفق قانون عام لا أن يحكموا و أن يفكروا بطريقة واحدة. أي انه لما لم يكن بوسع الناس أن يجمعوا على رأي واحد، كان عليهم أن يجعلوا من الرأي الذي ترتضيه الأغلبية قانونا، محتفظين بحقهم في نقض القرارات المتخذة عندما يجدون ما هو أفضل. وكلما قلت حرية الرأي المتاحة للناس ابتعدوا أكثر عن حالة الطبيعة و اشتد عنف الدولة.
سبينوزا: رسالة في اللاهوت والسياسة
*****
هل تتحقق وحدة المجتمع بقوة الدولة؟
****
قيل:«لا تقتصر مسؤولية العالم على إنشاء النظريات العلمية، بل عليه التفكير في تبعاتها » ما رأيك؟
*****
« يقتضي الفعل الخير مقاومة الأهواء».                                                               حدد المسلمة الضمنية التي يقوم عليها هذا الموقف
*****
ظل العلم مؤسسا على افتراض أن الطبيعة متجانسة, فالأسباب المتماثلة لها نتائج متماثلة, فان ألغينا هذا فسيبدو العلم معلقا في الهواء, دون تبرير لوجوده أو تفسير لنجاحه, و لكن نجاح العلم لا جدال حوله وتفسير ذلك موجود بالتأكيد.
هناك وجهان للتفسير. ففي المقام الأول يقتصر عدم الحتمية الذي توضحه نظرية الكم على خطوات الطبيعة في عالم المقاييس الصغيرة, و في المقام الثاني حتى هذه الأحداث غير الحتمية تحكمها قوانين إحصائية. و في كل ظواهر عالم المقاييس الإنسانية تدخل بلايين الالكترونات و الذرات في الحساب متجمعة, و عندما نناقش مثل هذه الظواهر كما ندركها يمكننا أن نعاملها إحصائيا كمجموعة, و في هذه المجموعات تمسك القوانين الإحصائية بزمام الموقف تماما, و نتيجة ذلك أن الظواهر يمكن التنبؤ بها تقريبا بنفس الدقة, كما لو كنا نعرف حركة كل جسيم في المستقبل, و بنفس الطريقة إذا عرف الإحصائي معدلات المواليد و الوفايات...الخ للتعداد, ففي إمكانه التنبؤ بتغيرات التعداد في المستقبل ككل دون أن يتنبأ بما سيفعله الفرد الواحد من جهة الولادة أو الوفاة, و في عالم المقاييس الإنسانية و ما هو اصغر منه كثيرا إلى الحد الذي لا يمكن مشاهدته بأي مجهر, سنجد الطبيعة في كل مظاهرها تؤمن بالحتمية بكل صراحة, و الأسباب المتماثلة لها نتائج متماثلة. و على هذا فقد أعيد الاعتبار لتجانس الطبيعة باستثناء عالم الجسيمات لانهائية الصغر, و يمكن للعلم أن يجد مبررا للافتراض الأساسي الذي بنى وجوده عليه, و نرى لماذا صارت الحتمية متضمنة في أساليب تفكيرنا, و كيف أتى ديكارت و أتباعه و أعلنوا أنها معرفة "قبلية" شاهدوها بالرؤية الواضحة لعقولهم, في حين هي لا تنطبق على مجالات الطبيعة البعيدة عن متناولهم.
                                                                          جيمس جينز  " الفيزياء و الفلسفة "
******
الإنسان غامض في ذاته, و هذا ما يتعيّن معرفته. غير انّه يجب هنا أن نتحاشى أخطاء عديدة  ناشئة عن مفهوم اللاّوعي . و أفدح هذه الأخطاء هو  الاعتقاد بان اللاّوعي هو أنا آخر, أنا له أحكامه المسبقة وأهواؤه و حيله, ضربا من الملاك السيّئ,ناصح شيطاني . لنجابهه يجب أن نفهم انّه ما من فكرة فينا إلاّ ناجمة عن الأنا بوصفه ذاتا واعية. هذه الملاحظة التي نسوقها هي على  الصعيد الأخلاقي. فلا يجب أن نقول في سرّنا أنّنا  نشرع في التفكير عندما نحلم. يجب أن نعلم أن  التفكير شان إرادي.(...) و بإمكاننا القضاء على هذه الأشباح بان نقول لأنفسنا ببساطة إن  كلّ ما ليس تفكيرا  البتة  هو أمر ميكانيكي , أو بعبارة أفضل , إن كل ما ليس تفكيرا البتة هو جسد. بمعنى شيء يخضع لإرادتي, شيء استجيب له.
           فاللاّوعي صيغة يضفي بها المرء الكرامة على جسده, لمعاملته معاملة النظير( المثيل), معاملة العبد الذي تلقينا. وهذا هو مبدأ التردّد و القلق ه عن طريق الإرث  و الذي يتعين علينا تدبيره. إن اللاّوعي هو سوء تقدير للانا و إهمال لها,  هو تقديس للجسد. و يساورنا الخوف من لا وعينا و هنا يكمن الخطأ الرّئيسي. أنا آخر يسيّرني, يعرفني و لا اعرفه معرفة جيّدة. و الوراثة هي شبح من نفس الفصيلة. ها هو أبي يستيقظ, ها هو الذي يقودني, انه يمتلكني. و عليه, ليس هناك عيب من تداول استعمال مفهوم اللاّوعي   فهو اختزال للآليّة. لكن,إذا ضخم حينئذ يبدأ الخطأ, و أسوا من ذلك انه زلّة.
                                                                                          ألان "عناصر فلسفيّة"
*****
هل يمكن اعتبار الآخرين جحيما؟
*****

إذا كان كل واحد بإمكانه أن يقول “ أنا ” فانه لا يمكن لأي كان أن يقول ذلك بدلا عني. إذن “ الأنا ” خاص بكل شخص. وهذا ما نلاحظه في حالة التوأمين الحقيقيين، فلا وجود لأية خصوصية جسدية تميز احدهما عن الزاخر، إذ هما متماثلان تماثلا تاما وراثيا ولكنهما مع ذلك لا يشكلان فردين[فحسب] بل ذاتين متمايزتين. ثمة لا محالة تواطؤ بينهما وسلوك مشترك وحدوسات متبادلة ولكن لا احد منهما يقول  “ أنا ” عوضا عن الآخر. ذلك هو مبدأ الإقصاء.
ادغار موران
مفهوم الذات (مقال)
*****
هل ترى في صداقة الإنسان للإنسان سبيلا للارتقاء إلى ما هو كوني؟
*****
قيل:« يكفي أن نستعمل نفس الكلمات حتى نتفاهم » ما رأيك؟
*****
[...] إنني لست ضد التقنية . فانا لم أتكلم على الإطلاق ضد التقنية , و لا ضد ما يسمى بالطابع « الشيطاني » للتقنية . و لكنني أسعى إلى فهم جوهر التقنية . عندما تثير فكرة الخطر الذي تمثله القنبلة الذرية , و الخطر الأكبر الذي تمثله التقنية , يخطر على بالي ما يتطور اليوم تحت اسم الفيزياء الإحيائية , وهو أننا , خلال فترة غير بعيدة, سنكون قادرين على صنع الإنسان , أي , قادرين على تركيبه , في جوهره العضوي نفسه كما نحتاج إليه : رجال ماهرون و غير ماهرين , أذكياء و حمقى . إننا سنصل إلى مثل هذا و الإمكانيات التقنية أصبحت اليوم جاهزة حتى أنها كانت موضوع محاضرات عديدة [...]
أنا أرى أن الإنسان في التقنية , اعني في جوهرها , يخضع لسلطة تدفعه إلى رفع تحدياتها , وهو تجاهها لم يعد حرا – إنني أرى شيئا ما يعلن هنا , اعني علاقة بين الكينونة و الإنسان – و هذه العلاقة التي تختفي في جوهر التقنية , قد تنكشف يوما بكل وضوحها . لا ادري إذا كان هذا سيحصل ! إلا أنني أرى في جوهر التقنية أولى بوادر سر أعمق بكثير اسميه « حدث تملك ». من هنا , يمكن أن نستنتج أن المسالة لا تتعلق بمناهضة للتقنية أو بإدانة لها . بل إن الأمر يتعلق بفهم جوهر التقنية و العالم التقني .
                          هيدغير « حوار مع ريتشارد فيشر بتاريخ: 24-09-1969».
*****
       ما الذي يحدث لقيمي عندما افهم قيم الشعوب الأخرى؟ إن الفهم مغامرة مخيفة حيث تتعرض كل الموروثات الثقافية لخطر السقوط في تلفيقية غائمة. ومع ذلك يبدو لي أننا نجد فيما قلناه آنفا عناصر إجابة هشة ومؤقتة: إن الثقافة الحية الوفية لأصولها والتي تكون في نفس الوقت في حالة إبداع على صعيد الفن و الأدب والفلسفة والعطاء الروحي هي وحدها القادرة على تحمل ملاقاة الثقافات الأخرى، هي وحدها القادرة لا على الملاقاة فحسب بل على إضفاء معنى لهذه الملاقاة. وعندما يكون الالتقاء مواجهة بين اندفاعات خلاقة، يكون الالتقاء عينه خلاقا (...) إنني واثق بان العالم الإسلامي الذي هو بصدد استعادة حركته و العالم الهندي القادر على خلق تاريخ شاب من تأملاته القديمة لمن الممكن أن يكون لهما مع حضارتنا و ثقافتنا الأوروبية ذلك التجاور المخصوص الذي يوجد بين كل المبدعين...
لا شيء بالتالي ابعد على حل لمشكلتنا من تلك التلفيقية الغائمة و الواهية. إن التلفيقيات هي في النهاية ظواهر اسقاطية إذ هي خالية من كل ابتكار وهي ليست سوى ترسبات تاريخية ويجب أن نواجهها بالتواصل، أي بعلاقة درامية أتداول ضمنها على تأكيد ذاتي في منبتها حينا وعلى الانصراف إلى تخيل الآخر وفق حضارته المغايرة حينا آخر.
بول ريكور «التاريخ و الحقيقة»
*****
ما مدى وجاهة اعتبار وسائل الاتصال مسؤولة عن انعزال الناس عن بعضهم البعض اليوم؟
*****
التنوع هو واحدة من اكبر قواعد اللعبة البيولوجية. على مر الأجيال تجتمع و تنفصل هذه الجينات التي تشكل تراث النوع لتنتج تلك التاليفات التي تكون في كل مرة، عابرة ومختلفة ألا وهم الأفراد. ولا يمكن أن نبالغ في تقدير هذا التنوع، وهذا التأليف إلى ما لا نهاية، الذي يجعل من كل واحد منا حالة فريدة، فهو الذي يتسبب في ثراء النوع ويمنحه إمكانياته.
يتعزز التنوع الطبيعي أكثر، لدى الكائنات البشرية، بفضل التنوع الثقافي الذي يسمح للإنسانية بالتكيف بصورة أفضل، مد ظروف عيش متنوعة، وباستعمال موارد هذا العالم على نحو أحسن. غير انه في هذا المجال، يتهددنا خطر الرتابة والتشابه والضجر. ففي كل يوم يتضاءل هذا التنوع الهائل الذي ادخله الناس في معتقداتهم و أعرافهم ومؤسساتهم.
                                    فرانسوا جاكوب ( لعبة الممكنات ) ص 127/129
*****
هل تضمن الوساطة بالضرورة التواصل بين البشر؟
*****
متى كانت لنا أجساد وما دامت أنفسنا متورطة مع هذا الشيء الخبيث، فإننا لن نحصل على مطلوبنا بالقدر الكافي والحال أن ما نطلبه هو الحقيقة. ثم إن الجسد لا يجلب في الواقع، آلاف المتاعب بموجب ضرورات  الحياة فحسب، ولكن قد تطرأ  أيضا بعض الأمراض، وهي تمثل بالنسبة إلينا عقبات جديدة تعترض سعينا إلى الحقيقة. من يملؤنا بهذا القدر بألوان الحب والرغبات والخوف وشتى الخيالات  والترهات التي لا تحصى غير الجسد، فلا تأتينا منه، بالفعل، أية فكرة سليمة ولو مرة واحدة. انظر إلى الحروب والفتن والمعارك، ليس لها من باعث غير الجسد ومطالبه، فامتلاك الخيرات هو السبب الأصلي لجميع الحروب، وإذا كنا مدفوعين إلى تحصيل الخيرات، فان ذلك بسبب الجسد الذي يجعل منا عبيدا في خدمته. بسبب كل هذا نحن نتكاسل في التفلسف. ولكن مما يعقد الأمر أكثر، إننا إذ نصل في النهاية إلى أن يكون لنا بعض الهدوء من جانبه لكي نتجه، آنذاك، إلى موضوع ما من مواضيع التفكير، فان أبحاثنا يسودها الاضطراب من جديد ومن كل جهة، بسبب هذا التخيل الذي يجعل من أذاننا وقرا، ويبعث فينا اضطرابا ويشيع قلقا، إلى درجة تجعلنا عاجزين عن تمييز الحقيقة، وبالعكس قد أثبتنا أننا إذا أردنا أن نعرف شيئا ما، معرفة خالصة، يجب علينا أن ننفصل عنه، وان ننظر إلى الأشياء في ذاتها وبالنفس ذاتها، وحينئذ، نحصل على الشيء الذي نعلن أننا نحبه، وهو الفكر، وذلك عندما نموت، كما تفيد به هذه الحجة، وليس أبدا خلال حياتنا.... إن أولئك الذين يشغلون بالفلسفة بمعناها الحقيقي، يتدربون على الموت، وان فكرة الموت اقل لديهم رهبة من لدى بقية الناس.           
أفلاطون محاورة: الفـــيدون
*******
هناك عمقان في الانسان : عمق فكري و عمق بصري خالص . الأول يبلغه العلم و الثاني يبلغه الفن , والأول يعنينا في فهم علل الأشياء و الثاني في رؤية صورها . و في الفن ننهمك في مظهرها القريب ونستمتع بهذا المظهر إلى ابعد حد بكل ما فيه من غنى و تنوع , و لا نهتم بوحدة القوانين, و إنما بتكثر ضروب الحدس و تنوعها . حتى الفن قد يوصف بأنه معرفة . و لكنها , معرفة من نوع خاص , و لكن حقيقة الجمال لا توجد في الوصف أو التفسير النظري للأشياء و إنما تكون في الرؤية المتعاطفة للأشياء . و تتوازى هاتان النظرتان إلى الصدق و الحقيقة و لكنهما لا تتعارضان أو تتناقضان . و ليس من الممكن أن يصطدم العلم بالفن أو يتناقضا , لان كل منهما يدور في فلك مستقل عن الآخر , و التفسير العلمي القائم على الأفكار لا يعيق التفسير الحدسي الذي يقوم عليه الفن , و إنما لكل منهما رجاله و لكل منهما زاويته . لقد علمتنا سيكولوجيا الإدراك الحسي أننا إذا لم نستعمل كلتا العينين , إذا لم تكن لدينا ازدواجية في النظر, فإننا لا نستطيع أن نغير طرق الرؤية أي نستطيع أن نستغل نظراتنا إلى الحقيقة بتبادل , أن رؤية صور الأشياء ليست اقل أهمية و ضرورة من معرفة علل الأشياء . في التجربة العلمية نصل بين الظواهر حسب مقولة العلية أو الكلية . فعلى قدر اهتمامنا بالعلل النظرية أو المعلومات العلمية للأشياء نعدها علل أو وسائط . و هكذا , يحتجب عنا مظهرها القريب المباشر حتى نراها وجها لوجه , أما الفن فانه من الناحية الأخرى يعلمنا أن نستنظر الأشياء . الفن يعطينا صورة للحقيقة الواقعة أغنى واشد حيوية و أكثر ألوانا كما يمنحنا بصرا نافذا في مبناها الصوري . و ما يميز طبيعة  الإنسان انه لا يسلك سبيلا واحدا معينا مرسوما إلى الحقيقة بل يستطيع أن يختار وجهة نظره و ينتقل من واحد من وجوه الأشياء إلى وجه آخر.
                                                         "ارنست كاسيرر" " مقال في الإنسان ".
*****
ينكر علينا الناس من مشارب شتى حق التسليم بوجود حياة نفسية لاواعية ، و العمل علميا على أساس هذه الفرضية.غير أنه بوسعنا الرد على هؤلاء و القول إن فرضية اللاوعي فرضية لازمة و مشروعة، و إن لنا أدلة كثيرة على وجود اللاوعي.فهي لازمة لأن معطيات الوعي تتخللها ثغرات بالغة للغاية : فأنت ترى الإنسان السليم ، مثل المريض يبدي من الأفعال النفسية ما لا يمكن تفسيره إلا بافتراض أفعال أخرى يضيق عنها الوعي.و ليست هذه الأفعال من الهفوا ت و من الأحلام فقط ،لدى الإنسان السليم، و لا مما يسمى أعراضا نفسية و ظواهر قسرية لدى المريض، إذ تضعنا تجربتنا اليومية الموغلة في خصوصيتها أمام أفكار تخطر على بالنا دون أن يكون لنا علم بأصلها ، و أمام نتائج فكر يظل التدرج فيه خفيا علينا . و تظل كل هذه الأفعال الواعية مضطربة تستعصي على الفهم إذا ما أصررنا الإدعاء بأنه ينبغي أن ندرك إدراكا جيدا ، عن طريق الوعي، كل من يحدث فينا من أفعال نفسية ، غير أنها تنتظم في مجموعة يمكن بيان انسجامها إذا ما أدرجنا فيها الأفعال اللاواعية المنجرة عنها.ثم إننا نجد في ما نغنمه من ذلك المعنى و من ذلك الانسجام سببا له ما يكفي من التبرير لتجاوز التجربة المباشرة.وإذا ما تبين لنا بالإضافة إلى ذلك ، أنه بإمكاننا أن نؤسس على فرضية اللاوعي ممارسة يتوجها النجاح، نستطيع من خلالها التأثير وفق هدف مرسوم ، في مجرى عمليات الوعي ، فإننا نكون قد نجحنا في الحصول على حجة لا ترد عن وجود هذا الذي افترضنا وجوده- أي اللاوعي.
فرويد: الميتابسيكولوجيا
******
هل الآخر هو هذا الذي أراه فقط؟
******
هل يستقيم تعريف الإنسان بأنه ذات واعية؟
*****









هناك تعليق واحد: